الإنسان في القرآن الكريم هو خليفة الله في الأرض، وهو مخلوقه المكرم الذي أمر الملائكة فسجدت له، وسخر له الأرض ليبني فيها ويعمر، قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) (( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ) (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) وقال تعالى: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ) (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض ) و (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض )
هذه القيمة العظمى للإنسان في نظر الإسلام هي التي فرضت إحاطة مخلوق الله المكرم بسياج من الضمانات التي قررتها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، لدرجة أنّ العدوان على الإنسان هو اعتداء على المجتمع بأسره.
والصحة في نظر الإسلام ضرورة إنسانية، وحاجة أساسية وليست ترفا، أو أمرا كماليا، ولحياة الإنسان حرمتها، ولا يجوز التفريط بها، أو إهدارها، إلا في المواطن التي حددتها الشريعة، قال تعالى (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه " أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بغرة عبد أو أمة"
و روى الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "
. كما روى ابن ماجه في سننه من حديث عبد الله بن محصن الأنصاري قال: قال رسول الله من أصبح معافى في جسده ، آمنا في سربه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "
وقد جاء الكثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يبين أن صحة البدن وعافيته هي من أكبر نعم الله على الإنسان في الدنيا، فقد روي الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له. ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد) ، وقد قال السلف الصالح في قوله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) أي عن الصحة. كما روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس:، يا عباس يا عم رسول الله سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة)
. وجاء في حديث آخر" سلوا الله اليقين والمعافاة فما أوتي أحد بعد اليقين خيرا من العافية "
فجمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتم صلاح العبد ني الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة ، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه.".
كما روى النسائي في سننه من حديث أبي هريرة قال رسول r "سلوا الله العفو والعافية والمعافاة"
. والأحاديث، الكثيرة في شأن الصحة والعافية لهي أكبر دليل على اهتمام الإسلام ورسوله الكريم بحفظ الصحة والعناية بها، ولهذه العناية مظاهر وشواهد وآثار.
نكمل لاحقا إن شاء الله تعالى