التفاضُل بين السمع والبصر عند العلماء:
اختَلَف ابن قُتَيبة، وابن الأنباري في السَّمع والبصر، أيهما أفضل، ففضَّل ابن قتيبة السمعَ، ووافَقَه طائفةٌ من العلماء، واحتجَّ بقوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ ﴾ ، قال: فلمَّا قرَنَ بذَهابِ السمع ذَهابَ العقل، ولم يقرنْ بذهاب النظَر إلا ذهابَ البصر - كان دليلاً على أنَّ السمع أفضل.
واحتجَّ مُفضِّلو السمع بأنَّ به ينالُ غاية السعادة مِن سمع كلام الله وسمع كلام رسوله، فقالوا: وبه حصَلتِ العلوم النافعة، وبه يدركُ الحاضر والغائب، والمحسوس والمعقول، فلا نسبةَ لمدرك البصر إلى مدرك السمع؛ ولهذا يكون فاقدُه أقلَّ علمًا من فاقد البصر، بل قد يكون فاقد البصر أحدَ العلماء الكبار، بخلاف فاقدِ السمع، فإنَّه لم يُعهَد من هذا الجنس عالِمٌ ألبتَّةَ
لكن قال مُفضِّلو البصر: أفضل النَّعيم النظر إلى الله - تعالى - وهذا يكون بالبصر، كما أنَّ ما يراه البصر لا يقبلُ الغلط، بخِلاف ما يُسمَع؛ فإنَّه يقع فيه الغلط والكذب والوهم، فمدرك البصر أتَمُّ وأكمل، كما أنَّ محلَّه أحسن، وأكمل، وأعظم عجائبَ من محلِّ السمع؛ وذلك لشرَفِه وفضله.
والحمد لله على كل حال وعلى كل نعمة من الله أنعم الله بها علينا