العيد اسم لكل ما يُعتاد ويعود وتكرر وهو في الإسلام مظهر من مظاهر الفرح بفضل الله ورحمته، وفرصة عظيمة لصفاء النفوس، ووحدة الكلمة، وتجديد الحياة، وهو لا يعني أبداً الانفلات من التكاليف، والتحلل من الأخلاق والآداب، بل لا بد فيه من الانضباط بالضوابط الشرعية والآداب المرعية .
وهناك جملة من الأحكام والسنن والآداب المتعلقة بالعيد، ينبغي للمسلم أن يراعيها ويحرص عليها، وكلها تنطلق من المقاصد والغايات التي شرعت لأجلها الأعياد في الإسلام، ولا تخرج عن دائرة التعبد لله رب العالمين، في كل وقت وحين .
تميز المسلمين بأعيادهم :
لقد دلّ قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا " على اختصاص المسلمين بهذين العيدين لا غير.
عيد الفطر وعيد الأضحى لما جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ .
وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها .
وفيما يلي نتعرض لطائفة من أحكام العيدين وآدابهما في الشريعة الإسلامية .
أولا : أحكام العيد
صومه :
يحرم صوم يومي العيد لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ . " رواه مسلم 827
حكم صلاة العيدين :
ذهب بعض العلماء إلى وجوبها وهذا مذهب الأحناف واختيار ابن تيمية. وذهب بعض العلماء إلى أنها فرض كفاية وهذا مذهب الحنابلة
وذهب فريق ثالث إلى أن صلاة العيد سنة مؤكدة ( وهذا مذهب المالكية والشافعية )، واحتجوا بحديث الأعرابي في أن الله لم يوجب على العباد إلا خمس صلوات .
فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها خصوصا وأنّ القول بوجوبها قول قوي ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والأجر العظيم والاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم .
صفة صلاة العيد
قال عمر رضي الله عنه : صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى .
وعن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة .
والتكبير سبع في الركعة الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما .
وعن عائشة رضي الله عنها : التكبير في الفطر والأضحى الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع
رواه أبو داود صحيح بمجموع طرقه .
ولو أدرك المأموم إمامه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع الإمام ويتابعه ولا يلزمه قضاء التكبيرات الزوائد لأنها سنّة وليست بواجبة .
وأما ما يُقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ، فقال ابن مسعود : يقول الله أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .. الخ رواه الطبراني ، وهو حديث صحيح مخرج في الإرواء وغيره .
القراءة في صلاة العيد:
يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) كما في صحيح مسلم وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية كما كان يقرأ بهما في الجمعة. كما جاء في" صحيح مسلم 878
- الرخصة في الإنصراف أثناء الخطبة لمن أراد
عن عبد الله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب . إرواء الغليل 3/96
- عدم المبالغة في تأخيرها :
خرج عبد الله بن بُشر ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم الفطر عيد الفطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام ، وقال انا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح . رواه البخاري معلقا مجزوما به
النافلة في المصلى:
لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها كما جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما . " سنن أبي داود 1159
وهذا إذا كانت الصلاة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس .
شهود النساء صلاة العيد
عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لا تَخْرُجَ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لا تَذْكُرُهُ إِلا قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى . صحيح البخاري 324
قوله : ( عواتقنا ) العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت , أو استحقت التزويج , أو هي الكريمة على أهلها , أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة , وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد , ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وذوات الخدور ) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال , وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ,
( فالحيّض ) : هو بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي البالغات من البنات أو المباشرات بالحيض مع أنهم غير طاهرات
آداب العيد:
الاغتسال:
من الآداب الاغتسال قبل الخروج للصلاة فقد صح في الموطأ وغيره أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى . الموطأ 428
وصح عن سعيد بن جبير أنه قال : (سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج ) ، وهذا من كلام سعيد بن جبير ولعله أخذه عن بعض الصحابة.
وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .
والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز .
الأكل قبل الخروج :
لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا . البخاري 953
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام . وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله . فتح 2/446 ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل إلا بعد الصلاة من أضحيته .
التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير إرواء 3/122
وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يخرج الإمام . وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا . إرواء 2/121
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد .
التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
وعن جبير بن نفير ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك . ابن حجر إسناده حسن ، الفتح 2/446
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق ومحاسن المظهر الاجتماعية بين المسلمين .
وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ، وتسكت إن سكت كما قال الإمام أحمد رحمه الله : إن هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه .
التجمل للعيدين
عن جابر رضي الله عنه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة . صحيح ابن خزيمة 1765
وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عند من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة أفتراه يصح من مؤمنة أن تعصي من خرجت لطاعته وتخالف أمره بلبس الضيق والثوب الملون الجذاب الملفت للنظر أو مس الطيب ونحوه .
الذهاب من طريق والعودة من آخر
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ رواه البخاري 986
وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ماشياً يصلي بغير أذان ولا إقامة ثم يرجع ماشياً من طريق آخر . قيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة ، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ . وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين . وقيل لإظهار ذكر الله ، وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه . وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .
تميز المسلمين بأعيادهم :
لقد دلّ قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا " على اختصاص المسلمين بهذين العيدين لا غير.
عيد الفطر وعيد الأضحى لما جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ .
وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها .
وفيما يلي نتعرض لطائفة من أحكام العيدين وآدابهما في الشريعة الإسلامية .
أولا : أحكام العيد
صومه :
يحرم صوم يومي العيد لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ . " رواه مسلم 827
حكم صلاة العيدين :
ذهب بعض العلماء إلى وجوبها وهذا مذهب الأحناف واختيار ابن تيمية. وذهب بعض العلماء إلى أنها فرض كفاية وهذا مذهب الحنابلة
وذهب فريق ثالث إلى أن صلاة العيد سنة مؤكدة ( وهذا مذهب المالكية والشافعية )، واحتجوا بحديث الأعرابي في أن الله لم يوجب على العباد إلا خمس صلوات .
فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها خصوصا وأنّ القول بوجوبها قول قوي ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والأجر العظيم والاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم .
صفة صلاة العيد :
قال عمر رضي الله عنه : صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى .
وعن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة .
والتكبير سبع في الركعة الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما .
وعن عائشة رضي الله عنها : التكبير في الفطر والأضحى الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع
رواه أبو داود صحيح بمجموع طرقه .
ولو أدرك المأموم إمامه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع الإمام ويتابعه ولا يلزمه
قضاء التكبيرات الزوائد لأنها سنّة وليست بواجبة .
وأما ما يُقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ، فقال ابن مسعود : يقول الله أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .. الخ رواه الطبراني ، وهو حديث صحيح مخرج في الإرواء وغيره .
القراءة في صلاة العيد:
يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) كما في صحيح مسلم وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية كما كان يقرأ بهما في الجمعة. كما جاء في" صحيح مسلم 878
- الرخصة في الإنصراف أثناء الخطبة لمن أراد :
عن عبد الله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب . إرواء الغليل 3/96
- عدم المبالغة في تأخيرها :
خرج عبد الله بن بُشر ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم الفطر عيد الفطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام ، وقال انا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح . رواه البخاري معلقا مجزوما به
النافلة في المصلى:
لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها : كما جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما . " سنن أبي داود 1159
وهذا إذا كانت الصلاة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس .
شهود النساء صلاة العيد
عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لا تَخْرُجَ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لا تَذْكُرُهُ إِلا قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى . صحيح البخاري 324
قوله : ( عواتقنا ) العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت , أو استحقت التزويج , أو هي الكريمة على أهلها , أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة , وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد , ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وذوات الخدور ) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال , وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ,
( فالحيّض ) : هو بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي البالغات من البنات أو المباشرات بالحيض مع أنهم غير طاهرات
آداب العيد:
الاغتسال:
من الآداب الاغتسال قبل الخروج للصلاة فقد صح في الموطأ وغيره أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى . الموطأ 428
وصح عن سعيد بن جبير أنه قال : (سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج ) ، وهذا من كلام سعيد بن جبير ولعله أخذه عن بعض الصحابة.
وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .
والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز .
الأكل قبل الخروج :
لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا . البخاري 953
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام . وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله . فتح 2/446 ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل إلا بعد الصلاة من أضحيته .
التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير إرواء 3/122
وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يخرج الإمام . وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا . إرواء 2/121
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد .
التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
وعن جبير بن نفير ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك . ابن حجر إسناده حسن ، الفتح 2/446
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق ومحاسن المظهر الاجتماعية بين المسلمين .
وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ، وتسكت إن سكت كما قال الإمام أحمد رحمه الله : إن هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه .
التجمل للعيدين
عن جابر رضي الله عنه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة . صحيح ابن خزيمة 1765
وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عند من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة أفتراه يصح من مؤمنة أن تعصي من خرجت لطاعته وتخالف أمره بلبس الضيق والثوب الملون الجذاب الملفت للنظر أو مس الطيب ونحوه .
الذهاب من طريق والعودة من آخر
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ رواه البخاري 986
وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ماشياً يصلي بغير أذان ولا إقامة ثم يرجع ماشياً من طريق آخر . قيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة ، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ . وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين . وقيل لإظهار ذكر الله ، وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه . وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .